كلمة صفا في ورشة العمل حول السجون اللبنانية بعنوان
مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب على الفيس بوك
كلمة صفا في ورشة العمل حول السجون اللبنانية بعنوان

نرحب بكم في هذه الورشة حول سجون لبنان : دور الحكومة والمجتمع المدني، وإطلاق كتاب "سجون لبنان قنابل موقوتة".
إنتفاضات السجون وحملات المناصرة، حرّكت قضية السجون ووضعتها على جدول أعمال الحكومة والمجلس النيابي، وشهدنا زيارات لأربع وزراء إلى سجن رومية، أطلقوا تصريحات ووعود بتحسين الأوضاع الصحية والاجتماعية والقضائية في السجون، وأقرّوا بوجود تعذيب في مراكز التحقيق والنظارات.
فقضية السجون باتت قضية ملتهبة لم يعد بالإمكان تجاهلها كما كان يحدث في السنوات الماضية، وقرار المجلس النيابي بتخفيض السنة السجنية من سنة إلى 9 أشهر هو إنجاز هام ولكنه لا يختصر مطالب السجناء وأهاليهم والهيئات المناصرة.
فالإكتظاظ في السجون يتزايد، البطء في المحاكمات، سوء الأوضاع الاجتماعية والصحية، التوقيف الإحتياطي العشوائي، مما ينذر بإنفجار السجون واحداً تلو الآخر.
نحن ننظر بإيجابية لزيارات وزراء الصحة والداخلية والعدل والشؤون الإجتماعية ولجنة حقوق الإنسان النيابية إلى سجن رومية، والإضطلاع على أوضاع السجناء المزرية، كما نثمن عالياً الخطوات التي تقوم بها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بتشكيل لجنة مكافحة التعذيب وقواعد السلوك، كما نرحب بمبادرة وزير الداخلية مروان شربل بتأمين كفالات مالية لتخلية سبيل سجناء قضوا مدة محكوميتهم ولا يملكون المبلغ المتوجب عليهم لتسديد الغرامات.
مبادرة هامة ولكن، أليس استمرار توقيف الأشخاص، ولعدة سنوات رغم انتهاء محكوميتهم، هو ظلماً وإدانة للتقصير الرسمي في معالجة هذه الحالات؟.
إن كل هذا لا يكفي والمطلوب هو مشروع حكومي صحي واجتماعي وقضائي ومهني، مشروع متكامل، عناوينه هي : الإسراع في التحقيقات والمحاكمات، وضبط عملية التوقيف الإحتياطي، وتقديم المعونة القضائية للمحتجزين، والتشدد في معاقبة مرتكبي التعذيب، وإخلاء السجون من متعاطي المخدرات والمرضى العقليين، والتحقيق في كل الوفيات، وتنظيم زيارات شهرية للمدعين العامين، وتدريب رجال إنفاذ القانون على حقوق الإنسان، واستحداث العقوبات البديلة، ووضع برامج إجتماعية مهنية لإعادة تأهيل السجين، والإسراع في تشكيل الآلية الوقائية الوطنية لمنع التعذيب، وإقرار مبدأ العفو سنوياً عن ذوي السيرة الحسنة والحالات الإنسانية الخ...
فقيام الدولة ومؤسساتها المختلفة بورشة إصلاح وطنية شاملة تنبثق عن مؤتمر وطني عام تدعو إليه المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أو وزارة العدل أو الداخلية بمشاركة كل الوزارات وبالتعاون مع هيئات المجتمع المدني، هو أساس المعالجة، إضافة إلى أهمية المبادرات الفردية.
فالسجناء هم مواطنون لبنانيون أو من جنسيات مختلفة، والدولة هي المسؤولة عنهم وعن رعايتهم في السجن وخارجه، ومسؤولة أيضاً عن إحترام كرامتهم الإنسانية .
أما دور المجتمع المدني وبالتحديد الهيئات العاملة في السجون، هو هام في التخفيف من معاناة السجناء وعائلاتهم، ولكن هذا الدور ليس بديلاً عن الدولة ومؤسساتها المعنية، بل يجب أن يكون عمل هذه الجمعيات محرضاً للدولة للقيام بواجباتها، ومطالبتها بالإهتمام بأوضاع السجناء ورفع التقارير الموثقة
عن معاناتهم، لأن انتفاضات سجن رومية والسجون الأخرى كشفت بعض أوجه القصور عند بعض الجمعيات، التي كان عليها تنبيه المسؤولين إلى خطورة الأوضاع المزرية في سجن رومية والسجون الأخرى.
نحن ندعو إلى تعاون إيجابي بين مؤسسات الدولة والهيئات العاملة في السجون، وندعو في نفس الوقت لرفع الصوت عالياً لنقد كل تقصير، ولتنظيم لقاءات، ولمناصرة السجناء وعائلاتهم.
وإن هذه الورشة وغيرها من الورش التي نظمت وستنظم، هي جزء من هذا التعاون الذي نأمل استمراره وتطويره.
أما الكتاب الذي نطلقه اليوم، والذي هو بعنوان: سجون لبنان قنابل موقوتة، فهو كتاب يحوي وثائق وتقارير عن الأوضاع المزرية في السجون، وأسماء المرضى، وأسماء المتوفين، وبيانات، والتقارير التي رفعناها إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.
كتاب سجون لبنان قنابل موقوتة هو جرس إنذار، إذا لم يسارع المسؤولون إلى المعالجة ووضع مشروع رسمي متكامل، وتنفيذ وعودهم، فإن لهب السجون سيشتعل مجدداً.

26/3/2012